هل أخطأ سليمان فرنجية في ما أطلقه من قصر بعبدا؟
تفاوتت التعليقات والتحليلات حول المواقف التي أطلقها رئيس “تيار المرده” سليمان فرنجية من قصر بعبدا يوم الثلاثاء الفائت، بعد تلبيته دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للتباحث حول إمكانية إطلاق حوار حول بعض القضايا المحورية، التي قد تساعد في تخفيف الضغوطات عن اللبنانيين الذين وصلوا إلى حد الكُفر بكل شيء يتعلق بحياتهم الإقتصادية والمعيشية والمالية والإجتماعية.
فمنذ اللحظة الأولى لخروج فرنجية من اللقاء، لاحظ المراقبون أنه لم يكن مرتاحاً من نتائج البحث، وبدا ذلك ظاهراً على محياه، وبعضهم ربط ذلك بطبيعة المواضيع التي تطرق إليها النقاش، وأن المواقف التي أطلقها كانت إنعكاساً للمضمون. ولكن ما أعلنه فرنجية عكس شخصيته التي يحفظها جيداً جميع اللبنانيين.
فصحيح أن مبدأيته حتمت عليه تلبية دعوة رئيس الجمهورية لأنه اتخذ هذا القرار بُعيد إعلان نتيجة الإقتراع في مجلس النواب في الحادي والثلاثين من شهر تشرين الأول عام 2016 لصالح إنتخاب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، العماد ميشال عون، ولكن تلك المبدأية لم تستطع إجباره على الإعلان عن مشاركته العمياء في الحوار المزمع إطلاقه، طالما أنه لم يكن بين طرفين يبتعدان في الاستراتيجية.
ومبدأية فرنجية دفعته لإبقاء شعرة معاوية التواصل قائمة مع قصر بعبدا، لأنه ضنين على موقع رئاسة الجمهورية، ليس لأنه من حصة الطائفة المارونية، ولكنه يجب أن يبقى على رأس هرم المرجعيات الوطنية بغض النظر من يكون جالساً على كرسي الرئاسة. ولكن تلك المبدأية لم تدفعه يوماً إلى توظيف شعرة التواصل تلك في أي تحرك يمكن أن يكون له صلة بأي نشاط قد يُفهم منه أنه في صالح معركة رئاسة الجمهورية في خريف هذا العام.
ومبدأيته التي دفعته للتمسك بصداقاته المعلنة على “رأس السطح” وبعيداً عن التواصل مع أي فريق من “تحت أية طاولة”، لم تمنعه يوماً من إبقاء أبوابه مشرّعة في وجه كل الراغبين بالإطلاع على آرائه من أقصى اليمين الأميركي إلى أبعد اليسار الصيني مروراً بالصداقات الروسية والأوروبية، والتمسك بأعلى معايير الأخوة العربية إلى إدنى حدود الديبلوماسية الأقليمية.
ومبدأيته التي عززت أواصر الإحترام والشفافية مع الأصدقاء والحلفاء، دعمت دائماً مواقعه السياسية المستندة إلى وطنية متجذرة، فيما إنعكست خسائر واضحة على من رغب في رفع جدران من الخلاف السياسي معه وافتعال معارك وهمية صبّت نتائجها دائماً في خانته.
قلائل هم الذين صنفوا كلام رئيس “تيار المرده” بأنه ساهم في عدم إطلاق الحوار الذي كان يرغب به رئيس الجمهورية في السنة الأخيرة من عهده، ولكن من فَهِم قصد سليمان فرنجية من قصر بعبدا أدرك كم هو صادق في تصويب إلاتجاهات على قاعدة “من صَدَقك القول بشأن نجاح الحوار وليس من صَدّقَك”، إذ لا معنى لأي حوار بين متفقين على الخطوط العريضة.
بعد يومين من ذلك اللقاء، خرج المكتب الإعلامي للقصر الجمهوري معلناً بشكل موارب تأجيل الحوار، الأمر الذي أعطى سليمان فرنجية نقاطاً إضافية في رصيده لأنه صَدَق بالقول مع رئيس البلاد، بالرغم من كل المطبات التي مرّت فيها علاقة الرجلين في السنوات الخمس الماضية، ولم يحاول دفعه كما حاول عديدون يُحسبون في خانة أهل البيت ولكنهم يسعون إلى تحقيق تطلعاتهم ولو على حساب أعلى مرجعية في الدولة اللبنانية وممثل الطائفة المارونية في الحكم.
مرسال الترس